بحث عن التوحد
التوحد
يعتبر كانر (Kanner) أول من أشار إلى التوحد كاضطراب يحدث في الطفولة ، وقد كان ذلك عام 1943 ، وقد استخدم مصطلح التوحد في البداية في ميدان الطب النفسي عندما عرف الفصام .
وفي ذلك الوقت كان يستخدم التوحد موصف لصفة الانسحاب لدى الفاصميين ، ثم بعد ذلك تم استخدام هذا المصطلح كاسم للدلالة على الاضطراب بأكمله .
ففي مقالته الأساسية عن التوحد أشار كارنر (Kanner) إلى خصائص أحد عشر طفلاً كانوا يعانون من متلازمة غير معروفة وكان الهدف من الدراسة هو التعرف إلى الخصائص السلوكية لهؤلاء الأفراد والتمييز بينها وبين الصفات التي يظهرها الأطفال المرضى بأمراض نفسية أخرى ، وهذه الصفات تشمل : عدم القدرة على التعلق والانتماء إلى الذات والآخرين والمواقف وذلك منذ الولادة . تأخر في اكتساب الكلام ، عدم استخدام الكلام من أجل التواصل ، إعادة الكلام ، رغبة شديدة في المحافظة على الروتين ، عكس صفة الملكية ، سلوك لعب نمطي ، ضعف التخيل ، ذاكرة جيدة ، ومظهر جسماني طبيعي .
ومعظم هذه الصفات قد ذكرت في دراسات لاحقة عن الأطفال التوحديين .
وهناك الكثير من التعريفات التي قدمت للتوحد ، إذا عرفت الجمعية الوطنية الأمريكية للأطفال التوحديين (National Society of autistic Children {NSAC}) التوحد بأنه اضطراب أو متلازمة تعرف سلوكيا وأن المظاهر الأساسية يجب أن تظهر قبل أن يصل الطفل إلى 36شهراً من العمر ويتضمن اضطراباً في سرعة أو تتابع النمو ، واضطرابا في الاستجابات الحسية للمثيرات ، واضطرابا في الكلام واللغة والسعة المعرفية ، واضطرابا في التعلق والانتماء للناس والأحداث والموضوعات ، وقد عرفت منظمة الصحة العالمية (WHO) عام 1982 بأنه اضطراب نمائي يظهر قبل سن ثلاث سنوات يظهر على شكل عجز في استخدام اللغة ، وفي اللعب ، وفي التفاعل الاجتماعي والتواصل . كما عرفته الجمعية الأمريكية للطب النفسي (American Psychiatric Association APA) بأنه اضطراب يشمل الجوانب النمائية الثلاثة التالية :
1ـ الكفاءة الاجتماعية
2ـ التواصل واللغة
3 ـ السلوك النمطي والاهتمامات والنشاطات.
أنواع التوحد :-
1- النوع الأول :-
المتلازمة التوحديه الكلاسيكية يظهر أعراض المرض مبكرا لا تظهر عليهم أعاقات عصبية فإن الأطفال في هذه المجموعة يبدؤون بالتحسن تدريجيا ما بين سن الخامسة إلى السابعة
2- النوع الثاني :-
متلازمة الطفولة الإنفصامية بإعراض توحديه يشبه النوع الأول ولكن الفئة الثانية يظهر أعرض نفسية أخرى إضافة إلى المتلازمة التوحديه الكلاسيكية
3- النوع الثالث:-
المتلازمة التوحديه المعاقة عصبيا ويظهر على الفئة الثالثة مرض دماغي عضوي متضمنة اضطرابات إيضيه ومتلازمات فيروسية مثله الحصبة ومتلازمات الحرفان الحسي والصم .
الكلام واللغة (التواصل لدى الأطفال التوحديين ):-
1- لا ينتبه الطفل التوحدي لصوت الإنساني برغم من قدرته الطبيعية على السمع ولكنه قدي يعي الأصوات التي تستهويه وتشد انتباهه , وقد تكون هذه الأصوات كصوت الضوضاء التي تصدر عن السمكري أما يرتبط بالغذاء مثل فتح علبة البسكويت .
2- ضعف القدرة على الفهم .
3- قد توجد (وقد لا توجد) محاولة من قبل الطفل التوحدي لإعطاء رسالة بالعين أو بالإيماء أو التمثيل وتتضمن هذه المحاولات الإشارة إلى الأشياء التي تستهويه وتدخل في دائرة اهتمامه
4- لا يهتم الطفل بجذب اهتمام الكبار ليشاركوه اهتماماته وهذا يمكن ملاحظته عند الإطفال العاديين
5- قد يستطيع الطفل التوحدي اكتساب الكثير من الكلمات لتسميه الأشياء وهو ونجاحه في تسميه الأشياء
6- يشيع التردد الفوري اللاإرادي للكلام حيث يكرر التوحدي تقريبا كل أجزاء مما يقال له
7- يمكن تعلم الطفل التوحدي بصورة أو بأخرى بعوض الجمال أو العبارات لدرجة أنه يمكنه تعلم بعض التركيب اللغوية المعقدة
8- غالبا ما يستطيع الطفل التوحدي الاحتفاظ بالأصوات الصادرة من التلفزيون وتكرارها
9- تشكل الأسئلة صعوبة لطفل التوحدي بشكل خاص حيث يفشل في التعرف عليها أثناء المحادثة
10- غالبا ما تكون هناك صعوبة خاصة لدى الطفل التوحدي في استخدام أجزاء الكلام التي يتغير معناه مثل الضمائر أنا أنت .
وقد انعكس غموض اضطراب التوحد وتداخل أعراضه مع الاضطرابات والإعاقات الأخرى .
وتعدد وتباين اختصاصات المهتمين والباحثين بهذا الاضطراب على تصنيف هذا الاضطراب منذ اكتشافه حتى الوقت الحاضر .
ففي عام 1977 تم اعتماد اضطراب التوحد من قبل منظمة الصحة العالمية من خلال الدليل العالمي لتصنيف الأمراض (International Classification of Disease ICD-9) كفئة تشخيصية ، ثم في عام 1980 صنف اضطراب التوحد كأحد الاضطرابات النمائية الشاملة (Pervasive Developmental Disorder) وذلك من قبل الجمعية الأمريكية للطب النفسي (APA) من خلال الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorder) في طبعته الثالثة . وفي عام 1981 تم إعادة تصنيف اضطراب التوحد واعتبر على أنه إعاقة صحية وذلك بناء على التوصيات المقدمة من المنظمات والجمعيات المهتمة بالتوحد .
وعند مراجعة الدليل التشخيصي والإحصائي في طبعته الثالثة والذي صدر عام 1987 وبسبب الخلاف على مفهوم التوحد نتيجة وجود عدد من الأطفال الذي يظهرون الكثير من الصفات التو حدية ولا تنطبق عليهم المعايير الكاملة ، فدق تم إضافة فئة جديدة سميت بفئة الاضطرابات النمائية الشاملة غير المحددة (pervasive Development Disorder-Not Otherwise Specified) كما إلغاء محك العمر لظهور الأعراض مع التركيز على المستوى النمائي عند تقييم الأعراض .
وتضمنت الطبعة الرابعة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية توسعاً في مفهوم الاضطرابات النمائية الشاملة (PDDS) بحيث أصبح يضم فئات التوحد (Autism) ؛ واضطراب ريت (Retts Disorder) ؛ واضطراب تفكك الطفولة (Childhood Disintegrative Disorder CDD) ؛ واضطراب اسبرجر (Asperger Disorder) ؛ واضطراب التوحد غير النمطي (Atypical Autism) أو ما يسمى بالاضطرابات النمائية الشاملة غير المحددة أو صفات التوحد
نسبة انتشار التوحد
أجريت الكثير من الدراسات حول تحديد نسبة انتشار التوحد ، وهناك الكثير من التباين حول تحديد هذه النسبة ، وذلك بناء على التعرف المعتمد في تحديد هذا الاضطراب والمحكات التشخيصية المعتمدة .
ولكن النسبة الأكثر قبولاً تتراوح من 4/ 000‚10 إلى 1/ 15. كما تشير الدراسات إلى أن نسبة حدوث التوحد لدى الذكور تفوق بكثير نسبة حدوثه للإناث ، إذ تبلغ النسبة عند الذكور مقارنة بالإناث (Gillberg et al٫1991) .
وتجد الإشارة هنا إلى أن دراسات علم الأوبئة في مجال التوحد تشير إلى الازدياد في نسبة شيوع هذا الاضطراب ، التحود من حيث التعريف ، والمحاكات التشخيصية المعتمدة ، ودقة أدوات القياس والتشخيص وتوافر الاختصاصيين القادرين على القيام بمهمات التشخيص والتفريق بين هذا الاضطراب والاضطرابات والإعاقات الأخرى التي تختلط أعراضها مع أعراض اضطراب التوحد (Burack et. Al., 2001) .
أسباب التوحد
حيث أن التوحد اضطراب معقد ومظاهره السلوكية متشابكة مع كثير من الاضطرابات ، فقد كان مجالاً لكثير من الدراسات التي حاولت التعرف على أسبابه . وقد تعددت العوامل التي ذكرت في كثير من الدراسات كأسباب للتوحد ، اعتماداً على اختلاف الاختصاصات والاهتمامات بين الباحثين وتنوع خلفياتهم النظرية . ومع كثرة الأسباب التي ذكرت ، وتنوعها إلاّ أنها ما زالت نظريات وكثير منها فرضيات لت يثبت مسؤولية إحداها بمعزل عن الأخرى .
إن فقدان التفاعل الاجتماعي والعزلة التي يظهرها الأطفال التوحديين كان يعتقد بأنها دليل على العلاقة المرضية الشديدة بين الطفل وأمه وإلى الاتجاهات السلبية من الوالدين تجاهه .
ولذلك فقد استخدمت مصطلحات وتسميات لدلالة على الاضطراب مثل الاضطراب الانفعالي الشديد ، النقص في نمو الأنا ، فصام الطفولة ، وغيرها .
وبناءً عليه ، فإن والدي الأطفال التوحديين كانوا يلامون ويوصمون سلبيا على اعتبار أنهم السبب الأولي لاضطراب أبنائهم ، فقد وصفت الأمهات بأن عواطفهم جامدة ، ووصف الآباء بأنهم متشددون وحازمون . ونتيجة لهذه النظرية ، فإن الدراسات قد وجهت لدراسة صفات أو خصائص الأطفال التوحديين ، وذلك من أجل ربط هذه الخصائص باضطراب التوحد (Ciaranello & Ciaranello , 1995 ; Nelson , 1991 Smalley , 1991) .
أما في الوقت الحاضر ، ونتيجة للدراسات الحديثة ، والخبرات الإكلينيكية ، فإن الافتراضات السابقة حول التوحد لم تعد مقبولة ، إذ أن التأكيد قد انتقل من الوالدين كأسباب لهذا الاضطراب إلى الجوانب المعرفية والبيولوجية والاضطرابات النمائية للأطفال التوحديين أنفسهم .
وهذا الانتقال جاء نتيجة للضغوط من قبل المجموعات الداعمة المؤلفة من والديّ الأطفال التوحديين والاختصاصيين . ومن النظرات والفرضيات الحديثة التي تفسر حدوث التوحد ما يلي :
ــ النظرات البيولوجية (Biological Theore)
وتفسر هذه النظريات حدوث التوحد بأنه راجع إلى تلف في الدماغ يصيب الطفل ، أو نقص أو عدم اكتمال نمو الخلايا العصبية الدماغية للطفل التوحدي ، وهذا يفسر الأمراض العصبية والإعاقات العقلية والصرع وغيرها من الأمراض التي ترافق اضطراب التوحد (Smalley,1991) .
ــ الفرضيات الوراثية (Hereditary & Genetic Hypothesis)
وتفترض أن عنصر الوراثة كسبب يفسر اضطراب التوحد وهذا يفسر إصابة أخوة الأطفال التوحديين بالاضطراب نفسه ن أو إصابة أقاربهم بعدد من الإعاقات النمائية المختلفة .
كما يشير بعض الباحثين إلى أن الخلل في الكر وموسومات والجينات في مرحلة مبكرة من عمر الجنين قد يؤدي إلى الإصابة بالتوحد .
ــ الفرضيات البيوكيميائية (Biochemical Hypothesis)
وتفترض حدوث خلل في بعض النواقل العصبية مثل السيروتونين (Serotonin) والدوبامين (Dopamine) والببتيدات العصبية (Neuropeptide) حيث إن الخلل البيوكيميائية في هذه النواقل من شأنه أن يؤدي إلى أثار سلبية في المزاج والذاكرة ، وإفراز الهرمونات وتنظيم حرارة الجسم ، وإدراك الألم.
ــ الفرضيات الأيضية (Metabolism Hypothesis)
وتشير هذه الفرضيات إلى أن عدم مقدرة الأطفال التوحديين على هضم البروتينات وخصوصاً بروتين الجلوتين (Gluten) الموجودة في القمح والشعير ومشتقاتها ، وهو الذي يعطي القمح اللزوجة والمرونة أثناء العجين وكذالك بروتين الكازين (Casiem) الموجود في الحليب وهو سبب أعراض التوحد . وهذا يفسر استفراغ الطفل المستمر للحليب ، والأكزما الموجود خلف ركبته ، والإمساك ، أو الإسهال واضطرابات التنفس لديه .
ومن مظاهر اضطراب الهضم عند الأفراد التوحديين حساسية الجسم الزائدة لبعض الخمائر والبكتيريا الموجودة في المعدة والأمعاء ، وزيادة الأفيون في الجسم ، وعدم هضم الأطعمة الناقلة للكبريت ، والنفاذية المعوية ، ونقص بعض الأحماض والإنزيمات في الجسم .
ــ فرضيات الفيروسات والتطعيم
(Virus and Vaccination Hypothesis)
يرى الباحثون الذين يتبنون هذه الفرضية أن أسباب اضطراب التوحد تعود إلى الأثر السلبي الذي تحدثه بعض الفيروسات لدماغ الطفل في مرحلة الحمل أو الطفولة المبكرة .
كما يشير البعض إلى أن التطعيم يؤدي إلى الأعراض التو حدية بسبب فشل جهاز الطفل المناعي في إنتاج المضادات الكفاية للقضاء على فيروسات اللقاح في حالت نشاطه مما يجعلها قادرة على إحداث تشوهات في الدماغ .
ــ فرضية التلوث البيئي
(Environmental Contamination Hypothesis )
يفتر بعض الباحثين إلى تعرض الطفل في مراحل نموه الحرجة إلى التلوث البيئي ، وما قد يحدثه هذا التلوث من تلف دماغي وتسمم في الدم يؤدي إلى أعراض التوحد .
ومن أهم الملوثات التي ذكر أنها تحدث التلوث في جسم الطفل الزئبق ، والمادة الحافظة للمطاعيم ، والرصاص وأول أكسيد الكربون .
ــ نظرية العقل (Theory of Mind)
تختلف هذه النظرية عن سابقاتها بأنها نظرية لا تتبنى الجانب الفسيولوجي وتفسر حدوث اضطراب التوحد بأسباب نفسية معرفية تتعلق بعد اكتمال نمو الأفكار بشكل يواكب النمو الطبيعي لمختلف النظم المعرفية التي تنمو بشكل طبيعي جنباً إلى جنب مع هذه الأفكار .
إن عدم نمو الأفكار بشكل طبيعي وغيابها يؤدي إلى حصول مشكلات للطفل يعجز من خلالها عن مواجهة متطلبات الحياة اليومية المواقف الاجتماعية وتجعله عاجزاً على التواصل وقراءة تعبيرات الآخرين ومشاعرهم (Baron-Cohen,1995) .
4 ـ الخصائص المميزة للأطفال التوحديين
الأفراد التوحديين مجموعة غير متجانسة من حيث الخصائص والصفات ، وربما يكون الاختلاف بين طفل توحيدي وآخر أكبر من التشابه بينهما ، ومع ذلك هناك عدداً من الخصائص العامة التي يشترك في ها جميع الأطفال التوحديين ن، وهذه الخصائص صالتي تساعد الأخصائيين في تشخيص التوحد الذي يعرف أصلاً بالمظاهر السلوكية (Wing,1993) .
وتظهر خصائص اضطراب التوحد لدى الطفل التوحدي منذ الأشهر الأولى من العمر ، ولكنها تتضح بشكل أكبر بعد سنتين أو ثلاث من العمر ، وتستمر إلى رحلة البلوغ وما بعدها .
وفيمـا يـلـي الخصائـص العامـة التي يظـهرها الأفـراد التوحديين :
1 ــ الخصائص الاجتماعية (Characteristics)
يعاني الأطفال التوحديون من مشكلات في التفاعل الاجتماعي (استقبال المعلومات المعرفية والانفعالية وإيصالها للآخرين من خلا تعبيرات الوجه والجسم ونغمة الكلام) . وتعتبر المشكلات في جوانب التفاعل الاجتماعي من أهم المؤشرات والدلالات التي يتم من خلالها تشخيص التوحد .
وفيما يلي المظاهر التي تدل على المشكلات في التفاعل لدى الأفراد التوحديين (Zager,2005) .
ــ عدم التواصل البصري : يتميز الأطفال التوحديون بتجنب التواصل البصري مع الآخرين وبذلك فإنهم يفقدون أفكار الآخرين ورغباتهم وتلمس مشاعرهم وقراءة ما يدور في أذهانهم .
فالتواصل البصري هام في عملية التفاعل الاجتماعي مع الآخرين ، وبدونه فإن الطفل لا ينمو جماعياً بطريقة سليمة . وتعتمد نسبة كبيرة من البرامج التربوية أساساً على التدريب على التواصل البصري .
ــ مشكلات في اللعب : يعاني الأطفال التوحديون من المشكلات في اللعب واختلاف لعبهم عن لعب أقرانهم من الأطفال الآخرين .
ومن أهم خصائص لعب الأطفال التوحديين افتراقهم إلى اللعب الرمزي والافتقار كذلك إلى والإبداع وإلى محدودية الألعاب ، والطريقة غير العادية في استخدام اللعب .
ـ صعوبة في فهم مشاعر الآخرين : يعاني الأطفال التوحديون من الصعوبات في فهم وتفسير تعبيرات الآخرين المتمثلة في الإيماءات ونبرات الصوت والحركات الجسمية ، وبالتالي فإن لديهم عدم اكتراث بمشاعر الآخرين كما أن لديهم صعوبات في التعبير عن مشاعرهم باستخدام تعبيرات الوجه بما يتناسب مع المواقف الاجتماعية .
ـ عدكم القدرة على تكوين صدقات والاحتفاظ بها : بسبب الانسحاب الاجتماعي ، فإن الأطفال التوحديين لا يستطيعون تكوين صداقات حيث أنهم غير قادرين على فهم المثيرات الاجتماعية التي تصدر عن الآخرين وكيفية الاستجابة لها ، بالإضافة إلى عدم معرفتهم بالعادات والتقاليد الاجتماعية السائدة (Exom,2005) .
2 ــ الخصائص التواصلية (Communication Characteristics)
تعتبر المشكلات المتعلقة بالتواصل من الدلائل الهامة التي تتميز الأطفال التحديين ، ومن أبرز هذه المشكلات :
ــ عدم تطور الكلام بشكل كلي والاستعاضة عنه بالإشارة أحياناً ، وهذه الصفة هي الغالبة لدى أكثر من ثلث الأفراد التوحديين .
ــ تطور اللغة بشكل غير طبيعي واقتصارها على بعض الكلمات النمطية مثل ترديد بعض العبارات أو أن يصدر عن الطفل التوحيدي كلام غير معبر ولا يخدم غرض التواصل ، بالإضافة إلى صدى الصوت الذي يسمعه الطفل بأوقات وأماكن غير مناسبة . وتوجد مثل هذه المشكلات لدى ربع الأطفال تقريباً .
ــ تطور اللغة بشكل طبيعي مع حدوث مشكلات تتعلق بعد الاستخدام المناسب للغة كالانتماء من موضوع إلى آخر وعدم القدرة على تفسير نبرات الصوت والتعبيرات الجسمية المصاحبة للغة ، بالإضافة للمشكلات المتعلقة بارتفاع الصوت أو انخفاضه بحيث لا يتناسب مع الموقف وكذلك المشكلات المتعلقة باللغة الاستقبالية .
3 ــ الخصائص في مجال النشاطات والاهتمامات
(Activities and Interests)
يظهر الأطفال التوحديون خصائص في مجال النشاطات والاهتمامات ترتبط بهم وتميزهم عن غيرهم من الأطفال الآخرين ، ومن أهم هذه الخصائص :
السلوك الروتيني : وهو إصرار الأطفال التوحديين على روتين جامد ومحدد في مجال السلوك الحياتي واليومي ومقاومة أي تغير لخرق هذا الروتين ، فقد يصر الطفل التوحيدي على استخدام أدوات طعام محددة أو بمواعيد محددة ، أو قد يظهر السلوك الروتيني في إصرار الطفل التوحدي على ارتداء ملابس معينة أو ألوان معينة أو اللعب بألعاب معينه .
وأي تغير في البيئة التي يعيش فيها الطفل التوحيدي يشكل له مصدر قلق وإزعاج ، فقد يرتبك الطفل التوحيدي من التقلبات الجوية ويعبر عن ذلك بثورات عصبية (Wing,1988) .
السلوك النمطي : مع أن السلوك النمطي يظهر مع الأطفال المعوقين بشكل عام ، إلاّ أن أشكالاً من السلوك النمطي تظهر بشكل واضح لدى الأطفال التوحيديين مثل الدوران حول الجسم ، لف الأشياء بشكل دائري ، رفرفة اليدين ، والاهتزاز والمشي على أصابع القدمين ، ووضع اليدين على العينين ، ولمس الأشياء .
وهذا السلوك النمطي هو سلوك غير هادف للآخرين ربما يشكل للطفل التوحيدي نوعاً من الإثارة وقد يعمل على خفض مستوى الإحباط والتوتر الناتج عن عدم القدرة على التنبؤ بالأحداث .
التعلق بأشياء محددة : يبدي الأطفال التوحديين رغبة كبيرة بالارتباط والتعلق بأشياء غير محددة وبشكل غير طبيعي ولفترة طويلة ، فقد يحتفظ الطفل التوحيدي مثلاً بمفاتيح معينة ولا يتركها أو قد يقوم بجمع أشياء والاحتفاظ بها أو قد يكون شديد الولع بموضوعات محددة رياضية أو موسيقية .
4 ــ الخصائص المعرفية (Cognitive Characteristics)
يظهر أكثر من 70% من الأطفال التوحديين قدرات عقلية متدنية تصل أحياناً إلى حدود الإعاقة العقلية ، وتصل في أحيان أخرى إلى الإعاقة العقلية المتوسطة والشديدة وإن ما نسبته 10% منهم يظهرون قدرات مرتفعه في جوانب محددة مثل الذاكرة ، والحساب ، والموسيقى ، والفن ، أو قد يظهرون قدرات قرائية آلية مبكرة بدون استيعاب .
كما يظهر الأطفال التوحديون اضطرابات في الانتباه النشاط الزائد والتشتت السريع وفقدان الاهتمام بالمهمات بعد وقت قليل من الانخراط بها (Frith,2003) وبسبب انشغالهم بالسلوكيات النمطية الروتينية ، يفقد الأطفال التوحديون الدافعية بالقيام بالمهمات الدافعات المطلوبة منهم ، ولا يظهر الكثير منهم الدوافع التي يظهرها أقرانهم الأطفال غير التوحديين .
أما مزاج ومشاعر الأطفال التوحديين فيمكن وصفها بأنها سطحية غي متفاعلة مع الأشخاص أو الأحداث ، فقد يوصف الطفل التوحيدي بالسعادة طالما لبيت احتياجاته فوراً ولكنه بشكر عام يميل إلى الغضب وعدم السعادة والبكاء لفترة طويلة وثورات الغضب التي عادة ما تكون بسبب تغير الروتين (Wing,1988).
ومع أن التوحديين قادرين على تذكر الأحداث والمواقف البصرية إلاّ أن لدى معظمهم مشكلات في الذاكرة تتمثل في حاجاتهم المستمرة إلى التلميحات التي تساعدهم على استدعاء وتذكر الأحداث .
5 ــ الخصائص الحسية (Sensory Characteristics)
يبدي الأطفال التوحديون التأخر في الاكتساب الخبرات الحسية وأشكالاً غير متناسقة مع الاستجابات الحسية تتراوح من مستوى النشاط المنخفض إلى المرتفع .
ففي مجال المثيرات الصوتية يعاني بعض الأفراد التوحديين من حساسية سمعية ، فقد يسمع أصواتاَ لا يسمعها الآخرون مما قد يسبب له إزعاجاً وارتباكاَ ، وبالمقابل فإن بعض الأطفال التوحديين لا يستجيبون لا يستجيبون للأصوات العالية ويبدون كأنهم صم . من هنا فقد يظن بعض الوالدين بأن أطفالهم صم خاصة في بداية تشخيص أطفالهم .
وقد ينزع الطفل التوحيدي من أصوات بيئية مألوفة كصوت الهاتف أو صوت المكنسة الكهربائية ويشعر بالفزع منها ويضع يديه على أذنيه لتجنب سماع تلك الأصوات .
ويظهر بعض الأطفال التوحديين صعوبة في رؤية المثيرات البصرية ويخافون من رؤية بعض الألوان ، وبالمقابل فإن البعض الآخر يظهر حساسية بصرية وكأنهم يرون أشياء لا يروها الآخرين (Wing,1988) .
وفي جانب المثيرات اللمسية ، يظهر الأطفال التوحديون حساسية جلدية كبيرة تجعل بعضهم يبتعد عن الآخرين حينما يحاولون لمسهم أو الاقتراب منهم ، وبالمقابل يمكن أن لا يشعر البعض منهم بأي إحساس لمسي ولا يشعرون بالألم بالرغم من تعرضهم بالأذى الجسمي .
6 ــ تشخيص التوحد
إن التشخيص الدقيق لحالة التوحد ليس بالأمر السهل ، خاصة وأن الأفراد التوحديين ليسوا متجانسين في قدراتهم وخصائصهم ، وبسبب وجود أمراض وإعاقات مصاحبة لعملية التوحد ، بالإضافة إلى أن التوحد يصيب الفرد في جوانبه الاجتماعية والتواصلية والذاتية ، مما يجعل التفاعل مع الطفل التوحيدي أكثر صعوبة .
كذلك فقد تشابه أعراض التوحد مع كثير من ا لاضطرابات النمائية الأخرى مثل الفصام واضطراب ريت واضطراب اسبر جر وغيرها (Klin & Shepard, 1994)
وحيث أن التوحد يعرف سلوكياً ، فإن وسائل الفحص والتشخيص يجب أن تشمل في الأساس الملاحظة السلوكية المباشرة والتأكد من وجود اكبر عدد من الخصائص السلوكية التي تدل على التوحد .
وبناء عليه انصبت الجهود من قبل الباحثين والمهتمين بالتوحد إلى تطوير أدوات قياس وملاحظة تعتمد على تلك الخصائص .
ولا بد أن تنطلق أية محاولة للتعرف وتشخيص الأفراد التوحديين من جهود كانر (Kanner) الواردة في مقالته الأساسية عن التوحد والتي ركز فيها على عدد من المحكات أهمها :
- الضعف الشديد في التواصل مع الآخرين .
- الإصرار على إتباع الروتين .
- الاهتمام بالأشياء التي يتم مسكها باستخدام العضلات الدقيقة .
- ظهور نمط لغوي غير مفيد في التواصل الاجتماعي .
- ذاكرة جيدة وقدرة في الأداء على الجانب الأدائي في اختبارات الذكاء .
وحديثاً قدم الدليل الإحصائي والتشخيصي للاضطرابات العقلية الصادرة عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي وكذلك الدليل العالمي لتصنيف الأمراض معايير وحكات يجب الاعتماد عليها للوصول إلى تشخيص دقيق لتوحد ، وهذه المحكات هي التي كانت الأساس في بناء مقاييس ملاحظة السلوك للأفراد التوحديين .
ففي الدليل الإحصائي والتشخيصي للاضطرابات العقلية الصادرة عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي وفي الطبعة الرابعة من (DSM-IV) والذي صدر عام 1994 اعتبر اضطراب التوحد أحد الاضطرابات النمائية الشاملة وحتى يتم تشخيص التوحد لدى الطفل ، فقد حدد هذا الدليل وجود ثلاثة محكات رئيسية
وهي :
وهي :
المحك الأول :
توافر ستة أعراض على الأقل من المجموعات الثلاثة التالية ، على أن تتكون هذه الأعراض من اثنتين من المجموعة الأولى ، وواحدة من كل المجموعتين الثانية والثالثة على الأقل وهذه المجموعات هي :
الأولى : العجز النوعي في التفاعل الاجتماعي : ويتوجب ظهور اثنين من الأعراض التالية على الأقل :
ـ العجز في استخدام السلوكيات غير اللفظية مثل : تحديق العينين ، الإيماءات ، والأوضاع الجسمية ، والتعبيرات الجسمية .
ــ الفشل في إقامة علاقات اجتماعية مناسبة مع الأقران من العمر الزمني نفسه .
ــ فقدان الرغبة في مشاركة الآخرين في الاهتمامات وضعف الاستماع وعدم المقدرة على التحصيل .
ــ الافتقار للسلوك الاجتماعي والانفعالي المتبادل .
الثانية : العجز النوع في التواصل : ويظهر في واحدة على الأقل من الأعراض
التالية :
ــ تأخر في اللغة المنطوقة مع عدم مصاحبتها للتعويض من خلال وسائل التواصل الأخرى مثل الإشارة والإيماءات .
ــ الصعوبات في المناقشة أو الاستمرار في الحديث مع الآخرين في حالة وجود اللغة
ــ النمطية التكرار في استخدام اللغة .
ــ العجز في اللعب ، ويتمثل في عدم التخيل والتنوع أو الافتقار للعب الاجتماعي مع الآخرين كما هو متوقع ممن هم في عمره الزمني نفسه .
الثالثة : النمطية والمحدودية في السلوك والنشاطات والاهتمامات : ويجب أن تظهر على الأقل واحدة من الأعراض التالية :
ــ الانشغال بواحدة أو أكثر من مظاهر السلوك النمطي والاهتمامات غي العادية .
ــ الالتزام بطقوس روتينية معينه غير وظيفية .
ــ حركات جسميه نمطية مثل (رفرفة اليدين وحركات معقدة لكامل الجسم)
ــ الانشغال المستمر بأجزاء الموضوعات .
المحك الثاني : التأخر أو ظهور وظيفة غير عادية قبل ثلاث سنوات في واحدة على الأقل في المجالات التالية :
ــ التفاعل الاجتماعي .
ــ استخدام اللغة في التواصل الاجتماعي .
ــ اللعب التقليدي أو الرمزي.
المحك الثالث : أن لا تكون هذه الأعراض عائدة لاضطراب ريت (Rett ) أو تفكك أو انحلال الطفولة ( CDD ) .
لقد طورت منظمة الصحة العالمية ( WHO ) من خلال الدليل العالمي لتصنيف الأمراض معايير للكشف عن التوحد في الطبعة العاشرة الذي صدر عام1992م والذي يشير إلى أن تشخيص التوحد يجب أن يستند إلى عدد من المحكات هي :
1- ظهور عجز واضح قبل ثلاث سنوات في مجال واحد على الأقل من المجالات التالية :-
- استخدام اللغة بوصفها وسيلة للتواصل مع الآخرين .
- اللعب التخيلي أو الوظيفي .
- التفاعل الاجتماعي المتبادل مع الآخرين .
2- قصور واضح في التبادل الاجتماعي المتبادل من خلال :
- عدم التواصل البصري مع الآخرين وعدم القدرة على استخدام الوجه أو الجسد للتعبير على الانفعالات .
- الفشل في تكوين صداقات مع الأطفال ممن هم في العمر الزمني نفسه .
- عدم المبادرة إلى مشاركة الآخرين أفراحهم وأحزانهم .
- عدم طلب الحنان والأمان في أوقات الخطر , وعد تقديم ذلك للآخرين عند حاجتهم لها .
- عدم القدرة على التبادل العاطفي والانفعالي مع الآخرين وعدم القدرة على تفكيك السلوك ليتناسب والظروف الاجتماعية المحلية .
3- قصور في التواصل الاجتماعي من خلال :
- تأخر أو انعدام اللغة التعبيرية دون محاولة التعويض عن ذلك باستخدام الإشارات أو الإيماءات .
- عد القدرة على النقاش أو الحوار مع الآخرين .
- تكرار اللغة أو المقاطعة اللغوية .
- اضطراب في الصوت والإيقاع وسرعة الكلام ونغمته .
- عدم استخدام النمذجة أو الخيال في اللعب .
4- اهتمامات محدودة ونشاطات متكررة وتظهر من خلال :
- الاهتمام المبالغ بنشاطات محددة .
- التعلق غير العادي بأشياء محددة .
- سلوكيات روتينية محددة وغير مألوفة .
- حركات نمطية بالأيدي والأصابع أو حركات جسمية معقدة .
- اهتمام مبالغ في بأجزاء الأشياء أو بخصائص غير وظيفية للأشياء مثل رائحة أو صوت الشيء .
- انزعاج كبير لتفاصيل بيئية صغيرة وغير مهمة .
أن لا تكون هذه الخصائص ناشئة عن الاضطرابات النامية العامة أو اضطراب اسبر جر أو اضطراب ريت أو انحلال الطفولة أو فصام الطفولة أو الإعاقة العقلية.
المراجع:
1- د/نائل محمد عبد الرحمن اخرس- "1428-2007"-مدخل الصحة النفسية -مكتبة الرشد
2- د/آمال مصطفي الصايغ وآخرون-"1432-2011"-أسس التوجيه والإرشاد النفسي-النشر الدولي
3- د/عبد الرحمن سيد سليمان وآخرون-"1432-2011"التقييم والتشخيص في التربية الخاصة-دار الزهراء للنشر
4- د/يوسف القريوتي وآخرون –"1433-2012"-المدخل إلى التربية الخاصة –دار القلم الامارات العربية المتحدة
5- د/خولة أحمد يحيى –"1433-2012"الاضطرابات السلوكية والانفعالية –دار الفكر
6- التوحد الخصائص والعلاج لدكتور إبراهيم عبد الله خرج الزريقات دار وائل لنشر صفحة 31، ص 48
7- كتبا دليل الوالدين والمتخصصين في التعامل مع الطفل التوحدي إعداد عبد الرحمن سيد د.سميرة محمد محمد شند , د. إيمان فوزي سعيد دار النشر مكتبة زهراء الشوق صفحة 119 إلى 121
8- أنظر كتب التوحد التشخيص والعلاج تأليف د. طلعت بن حمزة الوزنه صفحة 88.